صورة لأحد مقاهي القاهرة سنة 1922
ومن المعروف أنه فى مصر مثلت القهاوى التاريخ غير المكتوب. فقد واجهت القهوة – كمكان وكمشروب – عنت السلطة وعنفها على مر العصور. واقترن شرب القهوة بالتدخين منذ أيام على باشا الخادم الوالى العثمانى على مصر فى القرن العاشر الهجرى،
ولم يكن التدخين معروفا قبل ذلك التاريخ، وقد منع الدخان أول الأمر فى بر مصر وهدد بإعدام من يشربه، ثم خفف هذا الحكم بعد أن أكتفى شاه عباس الحاكم "بخوزقة" شاربى القهوة والدخان، وانتهى الأمر بأن أدمن هو نفسه الدخان. وعرفت أماكن شرب القهوة بالقهاوى، وسماها اللغويون "مقهى" وليست قهوة، كما اشتق منها الاسم فى اللغات اللاتينية أيضا، واستخدمت كلمة " كافيه" لتدل على القهوة والمكان الذى تقدم فيه كمشروب، وصولا لقهاوى الإنترنت اليوم "نت كافيه".
والقهوة مكان فسيح مفتوح الأبواب، من سماته وجود ما يعرف بالنصبة، وهى جزء مرتفع عن الأرض توضع عليه لوازم المشاريب، كالكنك والأكواب والشيش والحجر (وعاء المعسل والفحم المشتعل) والسناقر (جمع سنقر وهو غلاية المياه) والأباريق و"البكرج" وهو شئ شبيه بالبراد الكبير، إلى جانب الكراسى والترابيزات ووسائل التسلية والضجيج.
وكانت القهاوى فى الأصل مكانا للقاء الصحبة خارج البيوت، لأن بيوت الشرق عموما لها خصوصيتها وحرمتها، ثم تطور الأمر فأصبحت مكانا للتسلية والمسامرات والمناسبات، ومن ثم واجهت القهوة كمان ما واجهته كمشروب، حيث اعتبرت ألعاب التسلية بالقهوة كالنرد والشطرنج من المحرمات، فضلا عن الدومينو والطاولة والكوتشينة فيما بعد، التى ارتبطت فى الأذهان بلعب القمار والرهان والحظ.
كان ارتياد القهاوى مباحا لكل طبقات الناس، ووجدت إلى جانب القهاوى العامة قهاوى لفئات وطوائف ومهن معينة، فهناك قهاوى لعلماء الأزهر والمشايخ العلماء، وهناك قهاوى للأفندية أصحاب الطرابيش من الموظفين، كما وجدت قهاوى لأصحاب الحرف والمهن المختلفة كعمال المعمار والمنجدين والنجارين وغيرهم.